فصل: حرف الميم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة



وقال النفراوي: (ومعلوم أن اللواط هو تغييب الحشفة في دبر الذكر وحده الرجم مطلقا، وأما في دبر الأنثى غير زوجته فهو من قبيل الزنا إلا أن يكون محصنا فيرجم، وأما في دبر زوجته فيؤدب).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وأما اللواط فمن العلماء من يقول: حده كحد الزنا، وقد قيل دون ذلك. والصحيح الذي اتفقت عليه الصحابة: أن يقتل الاثنان الأعلى والأسفل؛ سواء كانا محصنين أو غير محصنين؛ فإن أهل السنن رووا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به» وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: في البكر يوجد على اللوطية، قال: يرجم؛ ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نحو ذلك؛ ولم تختلف الصحابة في قتله، ولكن تنوعوا فيه، فروي عن الصديق رضي الله عنه أنه أمر بتحريقه، وعن غيره قتله، وعن بعضهم: أنه يلقى عليه جدار حتى يموت تحت الهدم، وقيل: يحبسان في أنتن موضع حتى يموتا؛ وعن بعضهم: أنه يرفع على أعلى جدار في القرية، ويرمى منه، ويتبع بالحجارة، كما فعل الله بقوم لوط وهذه رواية عن ابن عباس، والرواية الأخرى قال: يرجم؛ وعلى هذا أكثر السلف، قالوا: لأن الله رجم قوم لوط، وشرع رجم الزاني تشبيها برجم قوم لوط، فيرجم الاثنان، سواء كانا حُرَّين أو مملوكين، أو كان أحدهما مملوكا والآخر حرا، إذا كانا بالغين، فإن كان أحدهما غير بالغ عوقب بما دون القتل، ولا يرجم إلا البالغ).
ونقل ابن قدامة روايتين عن الإمام أحمد رحمه الله، فقال: (واختلفت الرواية عن أحمد، رحمه الله، في حده؛ فروي عنه، أن حده الرجم، بكرا كان أو ثيبا؛ وهذا قول علي، وابن عباس، وجابر بن زيد، وعبد الله بن معمر، والزهري، وأبي حبيب، وربيعة، ومالك، وإسحاق، وأحد قولي الشافعي.
والرواية الثانية: أن حده حد الزاني. وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن، والنخعي، وقتادة، والأوزاعي، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وأبو ثور، وهو المشهور من قولي الشافعي).
والمذهب عند الحنابلة- كما نقله المرداوي في الإنصاف- أن اللوطي كالزاني، قال: (قوله وحد اللوطي، يعني الفاعل والمفعول به؛ قاله في الفروع، والمذهب، كحد الزاني سواء، هذا المذهب، جزم به في العمدة، والوجيز، والمنور، ومنتخب الأدمي، وغيرهم, وقدمه في الهداية, والمذهب، والمستوعب، والخلاصة، والهادي, والكافي، والبلغة، والمحرر، والنظم، والرعايتين، والحاوي الصغير، وغيرهم).
وهذا هو المعمول به اليوم في غالب محاكم المملكة، أي معاملة اللوطي مثل الزاني من حيث العقوبة والإحصان؛ وبعض القضاة يفرقون بين الزنا واللواط من حيث العقوبة، فيرون عقوبة اللوطي أشد.
وفي الحقيقة إن جريمة اللواط أشنع من جريمة الزنا، فاللواط فيه شذوذ ومخالفة للفطرة، حتى إن البهائم تأنفه، ولا تعمله، وجرائم اللواط مفسدة للدين والدنيا، وقد عاقب الله سبحانه وتعالى عليها بأقسى عقوبة فخسف الأرض بقوم لوط وقلب عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود؛ فالذي أراه أن تكون عقوبة اللواط عند ثبوته القتل، وذلك عملا بما اتفق عليه الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. وقد أحسن الإمام الشوكاني رحمه الله، حين قال: (وما أحق مرتكب هذه الجريمة ومقارف هذه الرذيلة الذميمة بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين ويعذب تعذيبا يكسر شهوة الفسقة المتمردين، فحقيق بمن أتى بفاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين أن يصلى من العقوبة بما يكون في الشدة والشناعة مشابها لعقوبتهم؛ وقد خسف الله تعالى بهم واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيبهم).

.234- لوث:

1- التعريف:
اللَّوْثُ في اللغة: له عدة معان، جاء في لسان العرب: اللَّوْثُ الطيُّ. واللوثُ: اللَّيُّ. واللوث: الشرُّ. واللَّوْثُ: الجِراحات. واللَّوث: المُطالبات بالأَحْقاد. واللَّوثُ: تَمْريغُ اللقمة في الإِهالَة. قال أَبو منصور: واللوث عند الشافعي شبه الدلالة، ولا يكون بينة تامة؛ وفي حديث القسامة ذكرُ اللوثِ، وهو أَن يشهد شاهد واحد على إِقرار المقتول، قبل أَنْ يموت، أَنَّ فلاناً قتلني أَو يشهد شاهدان على عداوة بينهما، أَو تهديد منه له، أَو نحو ذلك، وهو من التَّلَوُّث والتلطُّخ؛ يقال: لاثه في التراب ولَوَّثَهُ.
وفي الاصطلاح: أمر ينشأ عنه غلبة الظن بصدق المدعي.
وجاء في الإنصاف: اللوث هي العداوة الظاهرة، كنحو ما كان بين الأنصار وأهل خيبر، وكما بين القبائل التي يطلب بعضها بعضا بثأر في ظاهر المذهب. قال المرداوي وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب.
وقال السرخسي: اللوث أن يكون عليه علامة القاتلين أو يكون هو مشهورا بعداوته ثم يحلف الولي خمسين يمينا بالله أنه قتله فإذا حلف اقتص له من القاتل.
وقال ابن الأثير: (وفي حديث القسامة ذكر اللَّوْث وهو: أن يشهد شاهدٌ واحد على إقرار المقتول قبل أن يموت أنَّ فُلاناً قتلني، أو يشهد شاهدان على عداوةٍ بينهما، أو تهديدٍ منه له، أو نحو ذلك، وهو من التَلَوُّث: التَّلطُّخ. يقال لاثَه في التراب، ولَوَّثَ).
2- مشروعية الأخذ باللوث:
الأصل في اللوث ما رواه الشيخان عن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل بن أبي حثمة، عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره عن رجال من كبراء قومه، أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم، فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قُتِل وطرح في عين أو فقير، فأتى يهود فقال: أنتم والله قتلتموه، قالوا: والله ما قتلناه، ثم أقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم ذلك، ثم أقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن بن سهل، فذهب محيصة ليتكلم وهو الذي كان بخيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لمحيصة: «كَبِّر كبر» يريد السن فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب»، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم في ذلك، فكتبوا إنا والله ما قتلناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: «أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟»، قالوا: لا، قال: «فتحلف لكم يهود؟» قالوا: ليسوا بمسلمين، فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار، فقال سهل: فلقد ركضتني منها ناقة حمراء.
3- ما يعتبر لوثا في الجنايات:
اللوث المعتبر في الجنايات هو كل أمر يوجب القسامة، وقد سبق بيان ذلك مفصلا في موضعه، راجع مصطلحي: (قتل، قسامة).

.حرف الميم:

.235- مباشرة:

1- التعريف:
المباشرة في اللغة: مصدر باشر، ومعناه: أن يلي الشخص الأمر بنفسه، جاء في لسان العرب: باشَرَ الأَمْرَ: ولِيَهُ بنفسه، وهو مَثَلٌ بذلك لأَنّه لا بَشَرَةَ للأَمر إِذ ليس بَعْيْنٍ، ومُباشَرَةُ الأَمر: أَن تَحْضُرَهُ بنفسك وتَلِيَه بنفسك.
وفي الاصطلاح: لا تخرج المباشرة عن المعنى اللغوي، وهو أن يتولى الشخص الفعل بنفسه. وعرفها العز بن عبد السلام: بأنها إيجاد علة الهلاك.
والمباشر: هو الذي يحصل التلف من فعله دون أن يتخلل بينه وبين التلف فعل فاعل آخر.
2- اجتماع المباشرة والتسبب:
اتفق الفقهاء في الجملة على أنه إذا اجتمع المباشر والمتسبب أضيف الحكم إلى المباشر، وإن اختلفوا في بعض الجزئيات، فالقاعدة: إذا اجتمع السبب والمباشرة، أو الغرور والمباشرة قدمت المباشرة.
ويقول فقهاء الحنابلة: (المباشرة تبطل حكم التسبب كالدافع مع الحافر).
3- قيام السبب مقام المباشرة:
يقوم السبب مقام المباشرة ويسند الفعل إلى المتسبب إذا كان السبب مؤدياً إلى الفعل لا محالة، كشهود الزور إذا شهدوا على رجل أنه قتل فلاناً عمداً، فحكم القاضي بشهادتهم، ثم أقروا أو قامت البينة عليهم أنهم تعمدوا الكذب ليقتل المشهود عليه، وجب القصاص من الشهود. وكذلك لا يسند الفعل إلى المباشر ولا تترتب عليه المسؤولية إذا سُلِب المباشرُ حرية المباشرة والإختيار بإكراه، أو سحر، أو نحو ذلك، وتنتقل المسؤولية إلى المكره والساحر، وعلى هذا فإن من أكره شخصاً على إتلاف مال آخر، ضمن المكرِه المال المتلف، ولم يضمن المباشر؛ لأنه كان مسلوب الاختيار.

.236- متهم:

1- التعريف:
المُتَّهَمُ في اللغة: هو الذي وقعت عليه التهمة، جاء في لسان العرب: واتَّهَمَ الرجلَ وأَتْهَمه وأَوْهَمَه: أَدخلَ عليه التُّهمةَ أَي ما يُتَّهَم عليه، واتَّهَم هو، فهو مُتَّهِمٌ وتَهِيمٌ؛ وأَنشد أَبو يعقوب:
هُما سَقياني السُّمَّ من غيرِ بِغضةٍ ** على غيرِ جُرْمٍ في إِناءِ تَهِيمِ

وأَتْهَم الرجلُ، على أَفْعَل، إِذا صارت به الرِّيبةُ.. يقال للرجل إِذا اتَّهَمْتَه: أَتْهَمْت إِتْهاماً، مثل أَدْوَأْتُ إِدْواءً. وفي الحديث: أَنه حبس في تُهْمة. والتُّهْمَةُ: هي ما يتهم به الشخص وينسب إليه، وتأتي بمعنى الاتهام، يقال: أتَّهِمُ فلاناً بكذا، أي أدخل عليه التهمة فيه.
وفي الاصطلاح: المتهم هو الشخص الذي يثبت قيامه بارتكاب فعل مجرم بنص شرعي أو نظامي.
وفي بعض المصطلحات القانونية: المتهم هو الطرف الثاني أو الخصم أو المدعى عليه في الدعوى الجنائية أي الشخص الذي يوجه إليه الاتهام منذ الوقت الذي تثار فيه أو تحرك فيه الدعوى الجنائية قبله، ومرورا بكل المراحل حيث لا تسقط صفة الاتهام إلا بانقضاء هذه الدعوى التي يعتبر المتهم طرفا فيها وذلك إما بصدور حكم بات أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء.
2- هل الأصل في المتهم البراءة أم الإدانة؟
المتهم اتهاماً مجرداً لا يخلو من ثلاثة أحوال، فإما أن يكون معروفاً بالصلاح والاستقامة والتقوى، وإما أن يكون مجهول الحال لا يعرف باستقامة ولا فجور، وإما أن يكون معروفا بالفجور والإجرام، فالأول يعتبر برئيا براءة مطلقة، وأما الثالث فالمعتبر فيه جانب الاتهام، وأما الثاني مجهول الحال ففيه خلاف. وقد مضى الكلام مفصلاً عن هذه المسألة في مصطلح: (براءة) فيرجع إليه.
3- هل يضرب من توجهت له التهمة ليعترف بها:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما الامتحان بالضرب ونحوه فاختلف فيه هل: يشرع للقاضي والوالي؟ أم يشرع للوالي دون القاضي؟ أم يشرع الضرب لواحد منهما؟ على ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه يضرب فيها القاضي والوالي، وهذا قول طائفة من العلماء من أصحاب مالك وغيرهم منهم أشهب قاضي مصر قال أشهب: يمتحن بالسجن والأدب ويضرب بالسوط مجردا.
والقول الثاني: لا يضرب بل يحبس كما تقدم وهذا قول أصبغ من أصحاب مالك وقول كثير من الحنفية والشافعية وغيرهم؛ لكن حبس المتهم عندهم أبلغ من حبس المجهول؛ فلذلك اختلفوا هل يحبس حتى يموت؟ فقال عمر بن عبد العزيز وجماعة من أصحاب مالك كمطرف وابن الماجشون وغيرهما أنه يحبس حتى يموت. وهكذا روي عن الإمام أحمد فيمن لم ينته عن بدعته أنه يحبس حتى يموت وقال مالك: لا يحبس حتى يموت.
والقول الثالث: أنه يضربه الوالي دون القاضي وهذا القول ذكره طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد كالقاضي أبي الحسن الماوردي، والقاضي أبي يعلى وغيرهما).
وقال أيضا: (فأما ضرب المتهم إذا عرف أن المال عنده وقد كتمه وأنكره ليقر بمكانه فهذا لا ريب فيه; فإنه ضرب ليؤدي الواجب من التعريف بمكانه كما يضرب ليؤدي ما عليه من المال الذي يقدر على وفائه وقد جاء في ذلك حديث ابن عمر في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صالح أهل خيبر على الصفراء والبيضاء سأل زيد بن سعية عم حيي بن أخطب، فقال: أين كنز حيي بن أخطب؟ فقال: يا محمد أذهبته الحروب فقال للزبير: دونك هذا فمسه الزبير بشيء من العذاب فدلهم عليه في خربة؛ وكان حليا في مسك ثور. فهذا أصل في ضرب المتهم الذي علم أنه ترك واجبا أو فعل محرما. والله أعلم).